جامعة گرمیان
الأخبار

التملق الوظيفي

2020-09-17 19:59:16

\"تملّق كثيرا ؛ تصل سريعا\" \"ومن سار على درب التملق وصل !! \"

\r\n

هكذا هو المبدأ الأساسي الذي انتشرت في واقعنا المعاصر .. ومنها ؛ آفة التملّق الوظيفي .. فهو من الأسقام الاجتماعية التي تعاني منها الكثير من المؤسسات والتسلّق على المنصب بحثا عن تحقيق مصالح شخصية غير مشروعة . وهو وسيلة الجبناء وغير الأكفاء في الاعتلاء بالمؤسسات . والتحدث عن التملق هنا ليس بدافع الدعوة إليه أو القيام بحملة لتشجيع ممارسته ، ولكنه بغرض بيان حقيقته وتجلياته ، عسى أن يكون ذلك سببا لهداية النفوس غير السوية ، ورجوعها  لجادة الصواب . فهذه المظاهر باتت ـ مع الأسف ـ ممارسات متوّغلة في سلوكيات وعادات كثير من الموظفين في بيئة العمل , ولا أحد ينكر وجودها في أيّ مكان ، سواءً في العمل الحكومي أو في القطاع الخاص أو حتى داخل نسيج العلاقات الاجتماعية والأسرية .

\r\n

والأكيد أنَّ المتسلقون على المناصب يبحثون دائماً عن معاملة تفضيلية ومكانة وظيفية أفضل ، والتقرّب من المسئول الأرفع في بيئة العمل ، وذلك من خلال ممارسة أساليب مناهضة لمعايير الوظيفة الأخلاقية وقواعدها المهنية السامية وقيمها التربوية ، وهؤلاء المتلّونون يتحدثون بلغة النفاق الاجتماعي بدون وعي قيمي أو ذوق إنساني أو منهج حضاري .

\r\n

كما ونجد إن المتملق أو الراكض وراء التسلُق الوظيفي يحترف التلوّن حسب المعطيات ، والمواقف ، والمصالح . فيتجرد من قيمه الأخلاقية ومكوناتها التربوية تماما ، ويصبح هدفه الوحيد هو التقرُب من المسؤول وكسب وده - بأيّ وسيلة كانت -  ويوافقه في كل قراراته مهما كانت خاطئة ، أو مضرة . فهو على دراية كاملة بعدم براعته في العمل ، لذا فإن تلك الوسيلة تعتبر مثالية بالنسبة له والظهور بقناع الحمل الوديع من أجل بلوغ الغاية .. عوضًا عن العمل باجتهاد ، والسعي وراء تحقيق الإنجازات الحقيقية .

\r\n

أما الفئة الاخرى من الموظفين الذين يعملون بصمت أختياري ، لا يفارقهم الأمل من ان يكشف الله نوايا المتملقين وعدم مهنية بعض المرؤوسين . فتراهم لا يلقون بالاً لتجار سوق النفاق ، بل أنهم يحاولون جاهدين وبشتى الطرق ان يعيدوا المنافقين الى رشدهم ويحاربوا من أجل القضاء عليهم .

\r\n

 وعلى صعيد متصل ؛ فأن لآفة التسلّق والتملّق في بيئة العمل تحديداً ، أسباب ودوافع منها ؛ ضعف الوازع الديني .. وقد ينشأ هذا الداء الاجتماعي النفسي عن خلل في عملية التنشئة الاجتماعية والنفسية والتربوية والعقلية والوجدانية للمتملّق والمتسلّق ، وربما يكون من أسبابه أيضاً المشكلات الأسرية ، التي تؤثر على الاستقراره النفسي والعاطفي والاجتماعي للموظف ، كما أنَّ اصدقاء السوء لهم دور مؤثر في ظهور هذه الآفة المجتمعية البغيضة في بيئة العمل . بالإضافة إلى العوامل الثقافية والتعليمية والفكرية والاقتصادية التي تلعب دوراً في اتساع دائرة هذه الأزمة السلوكية .

\r\n

وتبعا لذلك .. فإنَّ مرض التسلّق والتملّق صفة من صفات الفاشلين ، الذين لا يستطيعون أن يحققوا بقدراتهم الوظيفية ما يطمحون إليه ، فيلجأون إلى أساليب النفاق والانتهازية والكذب ، واضافة الكثير من التقنيات الجديدة  لنفاقه .. انظر حولك .. المتملقون من حولك ؛ تجدهم فى كل مكان و فى كل زمان ، وترى فيهم الانحناءات المصطنعة ، والاحتشام المتكلف والأدب الزائف ؟؟

\r\n

هذا هو الحال .. ومن هذا الواقع الاليم ندرك خطورة هذا النهج ، وتأثيره على مستوى الاداء ، وتقديم الخدمة المطلوبة ، حيث ان له آثاراً بالغة السوء . ولمعالجة هذا الوباء الاجتماعي والحد من انتشار هذا السلوك المشين ، يجب تفعيل دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية (الأسرة والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية والثقافية والتربوية) في تنوير المجتمع بخطورة هذا المرض في كل مناحي الحياة ، وذلك من خلال التوجيه والإرشاد والتوعية المجتمعية ، كما أنَّ للمؤسسات الإعلامية والتربوية والثقافية دورا محوريا في رفع سقف الوعي وتنمية اتجاهاته الحضارية والسلوكية والفكرية داخل البناء المجتمعي ، إلى جانب أهمية مشاركة الصروح الأكاديمية والتعليمية في هذا الاتجاه التوعوي ، وذلك بعقد المؤتمرات الفكرية التنويرية وعمل البحوث والدراسات النفسية والتربوية حول خطورة وآثار هذه الظاهرة ، وإيجاد الحلول الناجعة لها في قالبها العلمي الرصين .

\r\n

كما يجب علينا أن نحارب تجار النفاق الوظيفي ورؤساءهم الذين خدعهم المديح لما يسببونه للمجتمع من دمار وخراب ... فهم متسلقون .. يضيعون ويدمرون الكفاءات .

\r\n

وبعد كل ما قيل ؛ فأن ما نراه اليوم في واقعنا مهين جدا ، إلى متى سيبقى هذا التزييف ؟ لدرجة أن الغالبية أصبحت تؤمن بأن التملق هو أقصر الطرق التي توصل إلى النجاح .

\r\n

عليه ؛ فأن بداية نهضة أي بلد هو القضاء على هؤلاء الفاشلون .. والذين إستطاعوا أن يدمروا مستقبل أمم وشعوب ... فوجودهم معناه أن الحالة رائعة والمستقبل مشرق ..

\r\n

 فمعايير العمل الأساسية ، تتمثّل في قواعد المهنية السامية ، مع الحفاظ على القيم والأخلاقيات الراقية التي من شأنها أن تقضي على النفاق الاجتماعي ؛ وفقًا للمنهج الحضاري، والذوق الإنساني .

\r\n

أما المسئولون الذين لا ناقة لهم ولاجمل ، في فن القيادة او التطوير فإنهم يبحثون عن المتملقين ليعيش ضمن أطار الامان الوظيفي ، ويجدر بالمسؤول أن يلتفت إلى أن مدح هؤلاء المتملقين وثناءهم الكاذب ، لا يكون موجهًا لشخصه ، بل للمناصب الوظيفية - التي لا تدوم عادة - وبمجرد أن تنتهي مدة بقائه في الإدارة ، فإن محبوب الأمس ، من الممكن أن يصبح عدو الغد بكل بساطة .

\r\n

                                                             أ.د فاتن على اكبر

\r\n

 

تصنيف الجامعة

روابط وسائل التواصل الاجتماعي
اتصل بنا
البريد الإلكتروني : info@garmian.edu.krd
الهاتف : 009647702120160
العنوان : العراق، إقليم كردستان، مدینة كلار، جامعة گرميان
جامعة گرميان - 2024